أقلام حرة

خصائص الحراك الجزائري الراهن وعوامل نجاحه

خصائص الحراك الجزائري الراهن وعوامل نجاحه

خرج الشعب الجزائري في حراك 22فيفري2019 رغم علمه أن حراكات قبله لم تظهر لها نتائج بارزة وذلك لاعتقاده أن حراكه له خصائص وعوامل تؤهله للنجاح قد ينفرد ببعضها و قد يشارك بأخرى غيره مما سبقه داخل الوطن أو خارجه، ولكنها في مجملها خصائص تجعله حراكا متميزا ينتظر منه الكثير – بإذن الله – إذا حافظ على الضوابط التي ما فتئت تنصح بها مختلف الجهات السياسية وعلى رأسها  ضابطتا السلمية والاتحاد.. و لا شك أن نتائج فرعية عديدة قد تحققت منه (ذكرتها بعض المنشورات) ولكننا نتكلم هنا عن الأهداف الرئيسية. ومن هذه الخصائص:

  • طبيعة الإنسان الجزائري:

فهو يضرب به المثل بالصلابة في الحق،وهو بصموده النموذجي التاريخي قد قهر فرنسا في ظروف صعبة فكيف بذيولها في ظروف أسهل؟! وقد صدق أردوغان حين علق على الحراك متوقعا نجاحه قائلا للجزائريين ( ما معناه) “أنتم لستم كبقية العرب!!”

  • السلمية والحضارية:

الأمر الذي أبهر العالم وأعطي دروسا لمن هم على الضفة الأخرى من المتوسط ! ومن فوائد ذلك أنه عامل للاستمرارية وطول النفس وأنه يجمع ولا ينفر ولا يعطي مبررا لتفريقه بالقوة المضادة.

  • قوة الدافع ووضوح الهدف:

ويتلخص الدافع في أمرين كبيرين، الأول: “ترشيح العاجز” الذي كان شرارة الانطلاق ، حيث ضج منه حتى الأطفال وكان أضحوكة عالمية بامتياز.والثاني: هو الاحتقان الحاصل في النفوس من الفساد المستشري منذ عقود والمعاناة الناجمة عنه من ظلم اجتماعي وسياسي فظيع.أما الهدف فأعلاه تغيير النظام (ارحلوا) وأدناه نزاهة الانتخابات.

  • ارتباط الدوافع بفرنسا:

كون جزء من فساد النظام له علاقة بمصالح فرنسا العدو التقليدي للجزائر العميقة فهو وقود يشعل الحراك أكثر، ولسوء حظهم فإن حتى الأجيال الجديدة تحمل ثقافة العداء لفرنسا المستعمرة مما توارثوه عن أسلافهم وتلقوه من مناهج الدراسة والنشيد الوطني الصباحي وإحياء المناسبات الوطنية !! وقد بينت تداعيات الحراك للشعب أكثر أن فرنسا مازالت لم تخرج بمصالحها من الجزائر من خلال تعامل النظام معها  كما كشفت له خفايا خطيرة من اتفاقيات “إفيان”. ولذلك رفع شعار”يا ديغول خذ أولادك الجزائر مش بلادك”.

  • ذاتية الاندفاع:

بمعنى أنه حراك غير فئوي ولا حزبي ولا تقف وراءه جهة بعينها تدفعه، فهو يجمع كل أطياف المجتمع، فلو كان عرقيا أو دينيا مثلا لتحجم ولتكالبت عليه الفئات الأخرى ولوجد الخارج له منفذا سهلا، ولذلك فإن سطوع أي لون فيه يهدده إن لم يكن لونا محصنا بغيره.(هذه الخاصية حققت بالفعل ما كنا نسمعه كذبا في عهد الحزب الواحد “مسيرة عفوية”!!)

  • الهشاشة المعنوية في الجبهة المقابلة وضعف حجتها(السلطة):

فقد تواترت الأخبار على أنها ليست على رأي واحد وقد طفحت على السطح من دلائل الضعف: تراجع القرارات أسبوعا بعد أسبوع، وعدم القدرة على تقديم الوجوه الكفأة المقبولة شعبيا،وكذلك تصدع أحزاب الموالاة واحتماء بعضهم بالحراك نفسه الذي ثار ضدهم (مع التحفظ !!).

  • الروح الوطنية لدى الأحرار:

فالوطن ليس كله عصابة أشرار بل هو مليء بالوطنيين الأحرار ذوي الغيرة الخالصة على الوطن، سواء داخل السلطة أم خارجها، من إطارات في الدولة وضباط مثقفين في الجيش ورجال قانون سامين ومجاهدين مخلصين ورجال أعمال كبار..هؤلاء وأمثالهم ستتحرك فيهم النخوة الوطنية وينحازون-لا شك- إلى الشعب في مطالبه فيرجحون كفته حفاظا على الوطن.

  • اليقظة والوعي السياسي للمتظاهرين:

وذلك ظاهر في الشعارات والهتافات والمداخلات والمنشورات الإعلامية المختلفة، والتفطن لكل محاولات الاختراق والركوب والتمييع والاستفزاز والضحك على الأذقان..واضح في الردود المناسبة عليها.

ويؤكد هذا أن أغلبية المتظاهرين من خريجي الجامعات والمناضلين والناشطين سياسيا واجتماعيا.

  • ظروف الانفتاح والتعددية الحزبية:

ذلك لأن الأحزاب والهيئات و الشخصيات السياسية المختلفة تثري الحراك وتدعمه وتوجهه بالأفكار والمقترحات وهذا ما هو حاصل بشكل غير مباشر ودون وصاية. والملاحظ يدرك أن البلدان التي لم يكن متوفرا فيها مثل هذا الجو السياسي إبان حراكاتها سرعان ما آلت إلى مآلات غير محمودة (مثل ليبيا وسوريا).

  • التجارب المحلية والإقليمية:

يأتي هذا الحراك بعد مثيلين له أو ثلاثة في البلد وبعد ما حدث في بلدان “الربيع العربي” وكلها تجارب يستفاد منها إيجابا وسلبا، ولا شك أن وعي المتظاهرين كفيل باستخلاص الدروس والعبر المساعدة على النجاح. ومنها مثلا أن تجربة اللون السياسي الواحد(الفيس والإخوان) لا ينفع في تغيير نظام شامل. ومنها أيضا أن تراكمية الأحداث تأتي بنتائج متكاملة طبيعيا؛ فإذا كانت أحداث 05 أكتوبر88 مثلا(على مافيها) قد حققت التعددية السياسية فالمنتظر من هذا الحراك استكمال النقائص .والله المستعان.

[author title=”الكاتب الدكتور علي حلواجي ” image=”https://hms-eloued.net/wp-content/uploads/2019/03/55641813_1538809572918063_7347622560126730240_n.jpg”]أستاذ محاضر بجامعة الوادي
56 97 53 0770
https://www.facebook.com/abousmail56[/author]

حمس الوادي

حركة مجتمع السلم أحد أكبر الأحزاب في الجزائر شعاره: العلم والعدل والعمل، تأسست هذه الحركة سنة 1990 أسسها الشيخ محفوظ نحناح تحت اسم حركة المجتمع الإسلامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى