أقلام حرة

مـن هنــا نبــدأ

    في المنعطفات التاريخية تتحرك الشعوب من أجل التحرر والرفض القاطع لواقع غير قابل للاستمرار ولا يمكن التكيف معه ولا السكوت عنه وكلما كانت الفجوة كبيرة والهوة متسعة ثقافيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا بين الطبقة الحاكمة والجماهير المحكومة كلما نضجت شروط الحراك الشعبي مشكلة بذلك لحظات فارقة.

بعد جمعة 22 فيفري تفاجأت السلطة الجزائرية ومن دار في فلكها بطوفان بشري عفوي وتلقائي نزل الى الشوارع والحنق يغمره رافضا سياسة السلطة في تسير البلاد فأسقط في يدها وهي لا تدري أن خطاياها تقف وراء حراك الشعب .

ان أكبر خطيئة ارتكبتها السلطة الجزائرية هي افساد الحياة السياسية , فلم تبق قناة واحدة من القنوات السياسية توصل الى الاصلاح أو التغيير أما الخطيئة الثانية فهي تعويم الحياة الاقتصادية بالمال الفاسد ورجال الأعمال المزيفين الذين يكنزون المال العام لصالحهم حتى أصبح المال دولة بينهم , أما ثالثة الأثافي فهي الاستخفاف بذكاء الشعب والاستهانة بالشباب وهو ما يفسـر استنجادهم الدائم بالدينصورات  , فمنذ مجيء الرئيس بوتفليقة لسدة الحكم تصحرت الحياة السياسية في الجزائر بشكل فاحش وهو ما جعل البلاد تفتقد لمقومات التنظيم ولأرضية النضال السياسي الجاد لبناء أفكار خلاقة ونشرها ورجالات دولة أكفاء وسياسيين ناضجين .

ان انتشار الناس كالإلكترونات الحرة في الفضاء الافتراضي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي صنع وعيا خلاقا لدى أطياف عديدة من الشعب ويعود الفضل في كثير منه الى بعض الأقلام الموهوبة  غير المؤدلجة ممن لهم اسهامات تذكر فتشكر

هذا الوعي صنع حراك شعبيا تميز ب :

سلمية الحراك الذي رافقه تراجع لأعمال العنف في أنحاء الوطن أدهشت العالم وغيرت الأحكام النمطية عن شخصية الجزائري.

الخوف غير موقعه من أوساط الشعب الى ساحة السلطة التي أربكها الحراك أيما ارباك.

توقف الهجرة السرية ” الحرقة ” فبعد أن كان الشباب يهاجرون زرافات ووحدانا انضموا للحراك.

وجوه التضامن بين الجماهير وحملات التنظيف التي تعقب كل مسيرة تؤكد صحة مقولة الكاتب البريطاني روبرت فيسك عن عدم اهتمام العرب بالنظافة خارج بيوتهم لأنهم لا يشعرون بالانتماء للدولة التي تدار لصالح فئة من الناس وليس لصالح جميع المواطنين.

بروز طاقات شبابية جديرة بالاحترام كالأخوة الذين أطلقوا ” حركة عزم “

ولهذه الحسنات نجح الحراك الشعبي في اسقاط العهدة الخامسة وتبديد المال العام في انتخابات كاذبة خاطئة وأسقط ورقة التوت عن أحزاب السلطة و وحد أطياف المجتمع بمختلف حساسياته وأعاد الثقة في نفسه وأرغم الرئيس على الرحيل بعد عشرين سنة من الحكم في قصر المرادية .

ولكن هذا النجاحات لا تمثل الا العتبات الأولى من السلم الذي وجب علينا أن نكمل صعوده بوعي وثبات حتى عودة السلطة التأسيسية الكاملة للشعب وهذا لا يكون بين عشية وضحاها فمشكلات نصف قرن من الزمن لا يمكن حلها في نصف سنة من الزمن

من لي بمثل سيرك المدلل  ****  تمشي رويداً رويدا وتأتي الأولِ

وانه من الخيانة بمكان أن نشغل أنفسنا بسجالات أيديولوجية أو صراعات حزبية في هذا الوقت أو نرفع مطالب قطاعية أو اجتماعية والحال هذه أو نهتف بشعارات جهوية تهدد وحدتنا ونحن أمام فرصة تاريخية لبناء دولة قوية ديمقراطية ذات سيادة في اطار مبادئ أول نوفمبر وفرص التاريخ لا تتكرر كثيرا كما يقول مالك بن نبي .

[author title=”بقلم الأستاذ عبد الغفور ديدي” image=”https://hms-eloued.net/wp-content/uploads/2019/04/الأستاذ-عبد-الغفور-ديدي.jpg”]حساب الشخصي في الفيسبوك[/author]

حمس الوادي

حركة مجتمع السلم أحد أكبر الأحزاب في الجزائر شعاره: العلم والعدل والعمل، تأسست هذه الحركة سنة 1990 أسسها الشيخ محفوظ نحناح تحت اسم حركة المجتمع الإسلامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى